إستخدم أشهر مليارديرات الولايات المتحدة “العمل الخيري” لفترة طويلة لتحسين صورتهم المتعلقة بالضرائب أمام العامة، بينما هم يتهربون من دفعها، لا شك أن العمل الخيري جيد لكنه لا يجب أن يكون بديلاً عن الضرائب التي يتم فرضها بحسب القانون.
رحلة جيف بيزوس إلى الفضاء وبعض النوايا المحيطة بها، متبوعة بتبرعه بمبلغ كبير لصالح المنظمات الخيرية، أعادت إشعال الجدل القائم حول “هل يدفع الأثرياء القيمة العادلة التي يجب عليهم دفعها من الضرائب”؟ بحسب ما نشره موقع Insider.
في نفس الوقت الذي يستمر فيه الرئيس الأمريكي “جو بايدن” بمحاولة الدفع تجاه إرساء القوانين الضريبية التي ستجعل الأمريكيين الأثرياء يدفعون الضرائب العادلة التي يجب عليهم دفعها. فقد أصبح السؤال “كم يجب على الأثرياء أن يدفعوا من الأموال للدولة” أكثر أهمية الآن من أي وقت مضى.
يظهر تقرير نشره موقع Propublica المختص في كشف إساءة إستخدام القوانين والسلطات، أن أغنى ٢٥ شخص في الولايات المتحدة دفعوا ضرائب قدرها ١٣.٦ مليار دولار بين عامي ٢٠١٤ و ٢٠١٨، في حين أن ثرواتهم قد وصلت في نفس الفترة إلى ٤٠٠ مليار دولار. وهذه ضريبة قدرها ٣.٤ ٪ فقط.
“وارين بافيت” الذي يعرف بتأييده لفرض ضرائب أكبر على الأثرياء، والذي لديه خطة للتبرع بأكثر من ٤ مليار دولار لصالح المنظمات الخيرية كان أقل الأثرياء دفعاً للضرائب.
فقد زادت ثروته في منتصف عام ٢٠١٠ لأكثر من ٢٤ مليار دولار أمريكي، إلا أنه إستطاع دفع ضرائب على تلك القيمة بواقع ٠.١ ٪ فقط من تلك القيمة.
في عام ٢٠٠٦ حينما أعلن وارين بافيت وعدة أثرياء آخرين عن خططهم لدفع مايقرب من نصف ثرواتهم للمنظمات الخيرية، وبعضهم صرح بأنه سيدفع ٩٩ ٪ من ثروته، لقي ذلك ترحيباً كبيراً من قبل الأوساط الإعلامية والمنظمات الخيرية حول العالم.
إذا تعلمناً شيئاً مما حدث العالم الماضي (أزمة كورونا Covid-19) فهو أن أفضل عمل خيري يمكن أن يقوم به الأثرياء تجاه بلدهم هو دفع نسبة الضرائب العادلة على ثرواتهم.
فبدلاً من أن نحاسبهم على وعودهم التي قطعوها على أنفسهم تجاه العمل الخيري، يجب أن تتم محاسبتهم وفق برامج المحاسبة والمكافأة الخاصة بقوانين الضرائب الأمريكية.
يجادل وارين بافيت وغيره حول أن الأفضل هو دفع الأموال للعمل الخيري، بدلاً من دفعها في الديون السيادية التي لن تنتهي أبداً.
بالتأكيد العمل الخيري هو من أعظم الأعمال لكن حينما يتم إستخدامه بديلاً عن دفع الضرائب فهم بذلك يقولون بشكل آخر أن معتقداتهم ورغباتهم هي بديل أفضل من القوانين الديمقراطية التي تم فرضها من قبل الدولة.
حينما أعلن “جيف بيزوس” عن مبالغ كبيرة لصالح العمل الخيري كان ذلك تزامناً مع رحلته إلى الفضاء، وذلك لتسوية موقفه، في حين أن نفس الرحلة كلفت ضعف هذا المبلغ الذي تبرع به، الرحلة الشخصية التي تعد الأكثر تكلفة في تاريخ البشرية حتى الآن.
العام الماضي، ملياردير آخر وهو “بيل جيتس” أفضل من عرف من بين المليارديرات بمشاركته في العمل الخيري، أعلن عن تبرعه بقيمة ٣٠٠ مليون دولار لمكافحة والتعافي من فيروس كورونا Covid-19.
وهذا رقم كبير، لكنه يعد “مصروف جيب” بالنسبة لأحد المليارديرات المعروفين، إذا قارنا ذلك بثروته نجده تقريباً ٠.٣ ٪ من ثروته، وقد إسترد جيتس ذلك المبلغ خلال أسبوعين فقط، من أرباح إستثماراته المتعددة.
التأثير الأكبر لمثل هذه الأفعال في مجتمعنا على مدار عقود، مدعوماً بتغيير في السياسات التي تصب في مصلحة المليارديرات، هو أنه جعل الطبقة المتوسطة تتلاشى شيئاً فشيئا، وأحدث نقصاً في الإستثمار في البضائع المحلية، وتدهور في قيم الديمقراطية.
في الوقت الذي يقوم فيه الأثرياء بتضخيم ثرواتهم على حساب الدولة، ثروات تضخمت لدرجة تجعلهم يستطيعون الإنفاق على شركاتهم ورحلاتهم خارج كوكب الأرض، ومع ذلك يتوقعون أن الدولة سوف تجعلهم سعداء.
حل هذه المشكلة بسيط، وهو جعل الأثرياء يدفعون ضرائب عادلة.
إذا أراد الأثرياء إنقاذ العالم يمكن أن يبدأوا بالإمتثال بشكل محدد وفعال لقوانينا الضريبية، التي ستجعلهم هم وأمثالهم من الأثرياء يدفعون الحصة العادلة من الضرائب المفروضة عليهم.
لقد حان الوقت للتوقف عن ترك أثرياء الدولة يتهربون بأموالهم عن طريق إنفاقها بشكل شخصي في أعمال خيرية، والبدء بمطالبتهم بدفع الضرائب العادلة المستحقة.
هناك منظمة رسمية تسمى IRS (المختصة بقوانين الضرائب على الدخل) يمكنهم التبرع لصالحها بدلاً من المنظمات الخيرية الأخرى.
يجب على النواب المنتخبون العمل على كل ما يصب في الصالح العام، بدلاً من الإعتماد على المليارديرات الذين ينفقون أموالهم لصالح المنظمات الخيرية بشكل يصب في مصلحتهم الشخصية في النهاية.
اكتشاف المزيد من تجارة واقتصاد
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.